دعا قائد الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، اليوم الإثنين، الى الإسراع في الخطوات المتعلقة بإجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، لمنع وضع البلاد في حالة فراغ رئاسي، دون أن يؤكد تمسكه بموعد إجرائها في الرابع من يوليو/تموز المقبل، ما يفتح الباب واسعاً أمام إرجائها الى وقت لاحق.
وقال قايد صالح، في خطاب ألقاه أمام القيادات والكوادر العسكرية في منطقة ورقلة جنوبي الجزائر، إن "إجراء الانتخابات الرئاسية يضع حداً لمن يحاول إطالة أمد هذه الأزمة"، مشدداً على أن "الخطوة الأساسية في هذا الشأن تتمثل في ضرورة الإسراع في تشكيل وتنصيب الهيئة المستقلة لتنظيم والإشراف على الانتخابات، وإننا ننتظر في هذا الإطار التعجيل باتخاذ الإجراءات المناسبة لتفعيل هذه الآلية الدستورية، باعتبارها الأداة القانونية المناسبة للحفاظ على صوت الناخب وتحقيق مصداقية الانتخابات"، بعدما كان الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة قد أنهى مهام أعضاء الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات في 11 مارس/آذار الماضي.
ولم يذكر المسؤول العسكري موعد إجراء الانتخابات المقررة في الرابع من يوليو المقبل، ما يعني قبوله المبدئي بارجاء الانتخابات الذي صار أمراً واقعاً، لكنه اعتبر أن "إجراء الانتخابات يجنب الوقوع في فخ الفراغ الدستوري وما يترتب عنه من مخاطر وانزلاقات غير محمودة العواقب"، وهو ما يعني مخاوفه من أن تدخل البلاد في حالة فراغ دستوري في حال لم تجر الانتخابات في موعدها، على اعتبار أن الجزائر ستصبح دون رئيس بدءاً من التاسع من يوليو، حيث تنتهي في هذا التاريخ العهدة الرئاسية لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح، والتي يحددها الدستور بـ90 يوماً.
وبخلاف موقفه السابق المتمسك باجراء الانتخابات في موعدها المحدد، يفتح تطور موقف الجيش الباب واسعاً أمام تأجيل مؤكد للانتخابات الرئاسية، لكن دعوة الجيش الى إجراء الانتخابات كمخرج (في أقرب وقت) وتشكيل هيئة عليا مستقلة لتنظميها، يصطدم مع المواقف والمطالب الشعبية التي تصر على عدم تنظيم أي انتخابات في ظل بقاء رئيس الدولة الحالي عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، حيث يصر الحراك الشعبي وقوى المعارضة السياسية والتنظيمات المدنية كافة، على ضرورة رحيلهما من المشهد لصلتهما المباشرة بنظام بوتفليقة، وبسبب المسؤولية السياسية لرئيس الحكومة، الذي شغل منصب وزير الداخلية حتى 11 مارس/آذار الماضي، في تزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات والنيابية والبلدية التي جرت على التوالي في يونيو ونوفمبر 2017.
ودعا قايد صالح القوى السياسية والمدنية، ومن صفهم بـ"الخيرين"، الى دعم مسعى إجراء الانتخابات. وقال في هذا الصدد "أدعو كافة الخيرين والغيورين الحريصين على وطنهم ومكانته عبر الأمم، الى الالتزام والالتفاف حول هذا المسعى المصيري على مستقبل البلاد".
وبحسب دعوة قائد الجيش الى تشكيل هيئة عليا تشرف على تنظيم الانتخابات، فإن السلطة في الجزائر بحاجة الى خرق الدستور الذي ينص على إنشاء هيئة، ويتعين على البرلمان إجراء تعديلات سريعة على القانون العضوي للانتخابات، ونقل صلاحيات تنظيم الاقتراع من وزارة الداخلية الى الهيئة، وتعيين أعضائها وتحديد صلاحياتها، وتشكيل فروعها في الولايات والبلديات.
ويصدم إنشاء الهيئة مع مشكلة دستورية، حيث لا ينص الدستور الجزائري على وجود هيئة عليا لتنظيم الانتخابات، وانما على هيئة لمراقبة الانتخابات فقط، ما يستلزم إجراء تعديل للدستور غير ممكن في الوقت الحالي من قبل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الذي لا يسمح له الدستور بإدخال أي تعديلات عليه، ويفرض ذلك على السلطة البحث عن مخرجات وفتاوى وتفسيرات دستورية ممكنة لانشاء الهيئة الجديدة.
وباتت الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو/تموز المقبل في حكم الملغاة واقعياً، حيث من المقرر أن يتنهي في 23 مايو/أيار الحالي، موعد سحب استمارات الترشح وتسليم ملفات الترشح الى المجلس الدستوري، دون أن يكون أي من الشخصيات السياسية البارزة وقادة الأحزاب (عدا حزبيين فتيين)، قد سحبوا استمارات الترشح أو جمعوا التفويضات الشعبية المطلوبة للترشح المطلوبة (60 ألف توقيع من الناخبين أو 600 توقيع من أعضاء المجالس المنتخبة)، حيث قاطعت غالبية القوى والشخصيات السياسية اجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأعلن القضاة رفضهم الإشراف عليها، كما يرفض عدد كبير من رؤساء البلديات تنظيم الانتخابات. كذلك رفعت تظاهرات الجمعة الـ13 للحراك الشعبي شعارات واضحة تؤكد على رفض إجراء الانتخابات، إذ حملت شعار "لا انتخابات تحت حكومة العصابات" .